للنوم أسرار
ما هي عدد ساعات النوم التي نحتاجها يوميا؟ هل يمكن أن نقلص من كمية النوم دون أن نؤثر على جودته؟ الاختلافات بين البشر جلية، فهناك من ينام ساعات طويلة، وهناك من ينام ساعات محدودة دون أن تظهر عليه علامات قلة النوم.
التاريخ عرف نماذج من الطرفين، نابليون الذي كان لا يحتاج إلا لساعتين إلى أربع ساعات من النوم في اليوم، وإنشتاين الذي كان يحتاج لاثني عشرة ساعة بالضرورة للنوم خلال اليوم الواحد، لتسليط الضوء على موضوع النوم واختلالاته أجرينا حوارا مع البروفيسور سعيد الدراز، اختصاصي في جراحة الأعصاب بالمركز الاستشفائي الجامعي ابن سينا بالرباط.
عادات النوم يكتسبها الإنسان منذ صغره
ما هو تعريف النوم من وجهة نظر الطب؟
النوم هو حالة من الراحة تنخفض خلالها إشعاعات خلايا الدماغ الضوئية إلى أدنى حد، وينعكس ذلك على جميع أعضاء الجسم الذي يخمد لراحة تامة. ويكون لذلك تأثيرات على الجهاز التنفسي والقلب والشرايين.
وما هو دور النوم في حياة الإنسان وأهميته بالنسبة لجسمه ولنفسيته؟
النوم ضروري لحياة الإنسان، فبدونه يمكن للكائن البشري أن يموت.
وحتى بالنسبة للحيوان، النوم ضروري وحيوي، فمن خلال تجارب علمية أجريت على الفئران التي تحرم من النوم بوضعها في أقفاص مكهربة تفقد بعد مرور الأسبوع الأول الرغبة الجنسية، وبعد مرور الأسبوع الثاني تفقد الرغبة في الأكل، وفي الأسبوع الثالث تسقط في غيبوبة، وبعد أربعة أو خمسة أسابيع تموت.
وللنوم أيضا، تأثير نفسي على الإنسان، بحيث من لا يأخذ قسطا من الراحة يصبح متوترا وتظهر عليه علامات عدم التركيز في الأعمال التي يقوم بها وتضعف ذاكرته ويكون سريع الانفعال. والتأثير العضوي لعدم النوم أو قلته يظهر على جميع أعضاء الجسم، حيث يحدث نقص في الشهية للأكل وصعوبة في التنفس، وسرعة في ضربات القلب وفقدان الرغبة الجنسية، وارتعاش اليدين والرجلين، وعدم التوازن في وضعية الوقوف مع ميل للسقوط. وأجفان الإنسان مع قلة النوم أو انعدامه، تغمض بشكل لا إرادي.
الدماغ يحتاج لفترة راحة ضرورية لخلاياه التي لا تتجدد كالخلايا الأخرى التي يتكون منها الجسم البشري، فإما أنها تبقى حية أو تموت. والإنسان، عندما يزداد، يكون له رأسمال من خلال الدماغ التي تنقص شيئا فشيئا مع التقدم في السن.
كما أن قلة النوم تؤدي إلى انخفاض الضغط الدموي الشيء الذي يظهر في اللون الشاحب للبشرة والهالات حول العينين، لأن الدم يتدفق إلى الأعضاء المهمة في الجسم فقط، أما الأعضاء غير المهمة كالجلد، فإنها لا تحظى بنفس التغذية.
ما هو السبب الذي يجعل عدد ساعات النوم الضرورية خلال اليوم الواحد تختلف من شخص لآخر؟
أولا الاختلاف في عدد ساعات النوم التي يحتاجها كل واحد ترتبط بالسن، إذ يحتاج المولود الجديد للنوم ما بين 22 إلى 23 ساعة في اليوم، وعند بلوغه السنة أو السنتين يحتاج لـ 13 إلى 14 ساعة من النوم، وعندما يصل إلى سن المراهقة، فإنه يحتاج لثمان ساعات في اليوم.
أما في الفترة العمرية الممتدة من سن الرشد إلى الخمسين سنة، فيصل عدد ساعات النوم الضرورية إلى سبع ساعات. وبعد تجاوز الخمسين، فخمس إلى أربع ساعات نوم في اليوم تكون كافية. لكن أود أن أوضح أن هذا التوزيع لساعات النوم حسب السن يبقى نسبيا، لأن النوم تربية قبل أي شيء، فسلوك الفرد مرتبط بما تلقاه من تربية وبعادات النوم التي اكتسبها منذ صغره.
لماذا يقال بأنه لا يجب إيقاظ النائم قبل أن يكمل المدة الكافية لنومه؟
لأننا لا نعرف هل مر من مرحلة "النوم المتناقض" أم ليس بعد، لأنه إذا كان لم يصلها بعد، فكأنه لم ينم رغم أنه قضى بضعة ساعات وهو نائم.
ما السبيل إلى نوم جيد؟
من أجل نوم جيد، على الإنسان أن لا يخوض صراعا من أجل النوم، وأن يستغل وقت اليقظة في القيام بنشاط ما فحينها قد يأتي النوم تلقائيا. كما أنه لا يجب الانشغال بعدد ساعات النوم لأنه أحيانا قد تكون ثلاث ساعات فقط في اليوم كافية إذا مر خلالها النائم من مرحلة "النوم المتناقض".
ومن الأفضل التعامل مع المؤثرات الخارجية المحيطة بالإنسان ببساطة، وأن لا يفكر فيها قبل النوم. كما أن ممارسة الرياضة من أهم العوامل المساعدة على نوم جيد ومريح.